إنّ مفهوم العقل عند الفيلسوف الفرنسي رينيه ديكارت (بالفرنسية: René Descartes) يتمثل في تصوره بشأنه؛ فديكارت يعتبر أنّ للعقل طبيعة، وهذه الطبيعة تتمثل بالتفكير، بمعنى أنّ الشيء إذا كان غير قادرٍ على التفكير، فهو في هذه الحالة ليس عقلاً. وبعبارة أخرى، يمكن تعريف العقل، من وجهة نظر ديكارت، على أنه “مادة”، تتسم بأنها موجودة، وأنّ الفكر يعتبر الصفة المميزة، أو الخصلة لهذا العقل.
هذا وقد كان ديكارت أول من ربط العقل بكلٍ من الوعي (الإدراك) والوعي الذاتي، أي أنه اعتبر أنّ العقل يتميز بأنه واعٍ، وأضاف أنّ المادة التي يتكون منها العقل تختلف عن المادة التي يتكون منها الجسد، وأنّ هذه المادة ليست فيزيائية الخصائص.
في هذا السياق، ميز ديكارت بين العقل والدماغ، والذي يختلف عن العقل في أنّ المادة التي يتألف منها فيزيائية، وأنه يحتل مكانًا بوجوده.
فضلاً عن ذلك، أشار ديكارت في سياق حديثه عن التفكير، الذي يعتبر خصلة مميزة للعقل، أنّ التفكير هو شيءٌ يستطيع البشر وحدهم من بين بقية الكائنات الأخرى القيام به، وأنّ العقل هو ما يميزهم عن هذه الكائنات، مضيفًا أنّ قدرة البشر على التفكير هي التي تجعلهم خالدين.
قواعد توجيه الفكر عند ديكارت
حدد ديكارت أربع قواعد لتوجيه تفكير العقل، وفيما يلي استعراضٌ لهذه القواعد :
قاعدة البداهة : تنص قاعدة البداهة لديكارت أنّ على المرء ألا يقبل أن تكون الأمور حقيقية ما لم تتبين حقيقتها بشكلٍ بديهي وواضح؛ أي أنّ قبول الأشياء على أنها حقيقية يعتمد على عدم مصاحبة الشك لها، وأنّ العقل يتقبلها بشكلٍ بديهي دون شك.
قاعدة التحليل : تنص هذه القاعدة على أنّه يتم تقسيم، أو تجزئة، المشاكل إلى أجزاء بسيطة ومتعددة، ومحاولة حل كل جزء لوحده؛ أي تحليل كل مشكلة صغيرة على انفراد، وذلك ليسهل حل المشكلة الأصلية المعقدة.
قاعدة التركيب : تنص هذه القاعدة على أنّه يتم التدرج لحل المشاكل بشكل منظم؛ أي أنه يتم البدء بالجوانب البسيطة منها، ومن ثمّ الانتقال تدريجيًا إلى الجوانب المعقدة.
قاعدة المراجعة : تنص هذه القاعدة على أنه يتم فحص، وإعادة التحقق من النتائج التي يتم التوصل إليها، ومراجعتها، وذلك للتأكد من أنّ الجوانب كلها تمّ تناولها، ولم يجر نسيان أي شيء منها.
العقلانية عند ديكارت
تُعرف الفلسفة العقلانية (بالإنجليزية: Rationalism) على أنها رأيٌ فلسفي ينص على أنّ المعرفة يجري اكتسابها عن طريق العقل، ودون عونٍ من الحواس. عن علاقة ديكارت بالفلسفة العقلانية؛ فهو يُعتبر أول الفلاسفة العقلانيين، من بين فلاسفة الفلسفة الحديثة، وقد آمن أنّ الحقائق الأبدية، التي تكون حقيقية وصحيحة دائمًا دون انقطاع، يمكن اكتسابها من خلال العقل وحده، مضيفًا أنّ العقل وحده هو الذي يحدد المعرفة، وأنه قادرٌ على القيام بذلك بصورةٍ منفصلة (بشكل مستقل) عن الحواس.