تعيش العلاقات المغربية الجزائرية، منذ قرابة نصف قرن، الكثير من التوتر بسبب الحركة الانفصالية التي أنشأتها الجزائر في عهد بومدين، والتي تمولها وتأويها على التراب الجزائري بمنطقة تندوف.
إلا أن هذا التوتر زادت حدته في السنين الأخيرة بسبب عودة المغرب للاتحاد الإفريقي وتراجع الدول الإفريقية عن دعم الطرح الجزائري، وفتح أكثر من 30 قنصلية بمدن الجنوب، الأمر الذي أثار غضب حكام الجزائر، وصاروا يتهجمون على المغرب.
الجزائر تهجُّمت على المغرب لكونه دولة لها علاقات مع إسرائيل، فنسجت له على ذلك عداء فوق العادة. وجيشت فئة عريضة من الشعب، خصوصا أولئك الذين يؤمنون بالشعارات الفارغة، ضد بلد وشعب جار.
في حين نرى تبون يطير إلى القاهرة، ويُغازل مصر و يتَقرب إليها، رغم أنها من الدول العربية الأولى التي طبّعت مع إسرائيل و لها سفارة في تل أبيب ويتبادلان علاقات جيدة، لكن تبون لا يستطيع أن يلوم أحد على ذلك، لكن يعطي الحق لنفسه لمهاجمة الجيران، ولم يستطع أن يطلب من الرئيس المصري فتح معبر رفح ليحرر ويبني فلسطين من جديد كما قال في خطابه.
وهنا تتضح ازدواجية مبادئ هذا النظام، وعداءه المرضي المفضوح للمملكة، وكلما تقربت دولة أوربية من المغرب واعترفت بسيادته على أقاليمه، تسحب سفيرها وتعاديها.
كما أن اختيار تبون هذا التوقيت بالضبط للذهاب إلى المشرق العربي، له معنى واحد، وهو إخفاقه الكبير في علاقاته مع فرنسا، أي اقناعها أو الضغط عليها، من جهة ، ونجاح المغرب في كسب تأييد فرنسا في دعم وحدته الترابية، بعد توترات ماراطونية بين البلدين.
كما تأتي زيارة تبون للشرق، لصرف أنظار الشعب الجزائري عن ما سيقدم عليه ماكرون من اتفاقيات تشمل مدن الصحراء المغربية و الخطاب الذي سيلقيه في البرلمان والذي من المتوقع أن يعلن فيه عن فتح قنصلية ومركز ثقافي فرنسيين له في العيون، عاصمة الجنوب.
هذا كله سيشكل صدمة قوية للنظام الجزائري وسيفقده صوابه، بعد نصف قرن من دعم البوليساريو والبحث عن منفذ على الأطلسي.
ما لا يعلمه تبون وكل من يساند فكرة الانفصال ويحمل الضغينة للجيران، أنه لم نكن بحاجة لا لفرنسا ولا للغرب كاملا، كدول وشعوب عربية، في غياب الخونة والحاقدين والمتحالفين في الخفاء ضد الإخوة.