أعلنت الفصائل المنضوية في ائتلاف «المقاومة الإسلامية» عن قصف أهداف جديدة في إسرائيل، وفيما توعدت بضرب المصالح الأمريكية في العراق والمنطقة، في حال استخدام الأجواء العراقية للردّ على القصف الإيراني الأخير الذي استهدف مواقع إسرائيلية ليلة الثلاثاء/ الأربعاء، نفت ضلوعها في استهداف قاعدة تستضيف جنوداً أمريكيين في محافظة الأنبار الغربية، وسط توجيهات أطلقها رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، لقوات الأمن، بضرورة رفع مستوى جهوزيتها لدرء «أي مخاطر» وكل ما من شأنه أن يعكر صفو الأمن والاستقرار في البلاد، في ظل وضع إقليمي متوتر.
نصرة للفلسطينيين واللبنانيين
وقصفت «المقاومة الإسلامية في العراق» أمس الأربعاء، ثلاثة أهداف في ثلاث عمليات منفصلة شمالي الأراضي المحتلة بالطائرات المسيرة.
وذكر بيان لـ«المقاومة» أن عملية القصف تأتي «نصرة لأهلنا في فلسطين ولبنان وردا على المجازر التي يرتكبها الكيان الغاصب بحق المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ».
الهيئة التنسيقية «للمقاومة» هدّدت كذلك، باستهداف القواعد الأمريكية في حال تدخلت أمريكا ضد إيران أو استخدم «العدو الصهيوني» أجواء العراق لقصفها.
وأشارت في بيان صحافي مقتضب، أنه «إذا ما تدخل الأمريكان في أي عمل عدائي ضد الجمهورية الإسلامية، أو في حال استخدم العدو الصهيوني للأجواء العراقية لتنفيذ أي عمليات قصف لأراضيها، فستكون جميع القواعد والمصالح الأمريكية في العراق والمنطقة هدفا لنا».
يأتي ذلك على وقع إطلاق إيران مئات الصواريخ صوب إسرائيل، ردّاً على اغتيال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة «حماس» اسماعيل هنية، واغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني، حسن نصر الله.
ويستبعد المحلل السياسي، محمد علي الحكيم، أن تراهن واشنطن بقواعدها ومصالحها في العراق والمنطقة، أمام ردّ الفصائل في حال قررت الذهاب نحو المواجهة المباشرة، إذا ما ردّت إسرائيل على إيران.
ووفق قوله، فإن الضربة الإيرانية على الأراضي المحتلة «غيرت كل المعادلات السياسية والعسكرية» معتبراً إياها «رسالة واضحة» تشير إلى أن «أي حماقة ستواجه بردٍ أقسى من (الوعد الصادق) بنسختها الأولى». ويصف الحكيم لـ«القدس العربي» العملية الإيرانية بأنها «تقليم لأضافر الكيان الإسرائيلي وقص أجنحته وإعادته لحجمه الحقيقي، ورسالة مبطنة للأنظمة التي تقف أمام عنتريات الكيان الإسرائيلي» مبيناً أن «الضربة الأولى ردا على قصف السفارة الإيرانية (في دمشق) قبل أشهر كانت استعراضاً للقوة، لكن ضربة (فجر الأربعاء) بمثابة استخدام القوة من قبل الحرس الثوري الإيراني».
ورأى أن «الضربة الصاروخية الإيرانية التي تجاوزت 250 صاروخاً باليستياً، كانت مدروسة ودقيقة بحساباتها من حيث المضمون والنتائج، خلافاً لتوقعات الكيان الإسرائيلي، لذلك حسب وصف الإعلام الإسرائيلي يعد الهجوم الإيراني الصاروخي هو أكبر هجوم في التاريخ» معتبراً أن الضربة الإيرانية الأخيرة «هي الثانية في العمّق الإسرائيلي للجمهورية الإسلامية بعد انتصار الثورة عام 1979، وكذلك بعد اعتراف الأمم المتحدة بالكيان الإسرائيلي عام 1948».
وحسب الحكيم فإن «اليومين المقبلين كفيلان بكشف مستقبل الشرق الأوسط وبالتحديد مستقبل المنطقة أما حرب طاحنة، أو التهدئة والرجوع إلى حرب الوكالات والحلفاء والاغتيالات هنا وهناك، لذلك الدخول في حرب شاملة مرهون برد إسرائيلي على طهران من عدمه، لأن أي رد إسرائيلي سيشعل المنطقة ويفتح شهية محور المقاومة على الرد داخل العمق الإسرائيلي» غير أنه لم يستبعد أن «يدفع الضغط الأمريكي على نتنياهو وإدارته إلى عدم الردّ».
وأضاف: «إسرائيل فقدت هيبتها وكرامتها في منطقة الشرق الأوسط، بعدما أصبحت منذ سبعة أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي عرضة للقصف من قبل محور المقاومة من كل حدب وصوب، لذلك في ظل تعنت نتنياهو وإصراره على الرد، من غير المستبعد أن الولايات المتحدة تقوم بتصفيته، لأنه يجعل الأمن القومي الأمريكي وأهدافها في خطر حقيقي لا يحمد عقباه».
هددت باستهداف قواعد أمريكا في حال تدخلت ضد إيران
وأكد المحلل السياسي العراقي، إن «وجود القواعد الأمريكية والمنافع الأمريكية في منطقة الشرق الاوسط أمام صواريخ محور المقاومة، ورقة لا يمكن أن تناور بها امريكا كما يحلو لها، وتعرض أمنها القومي وجنودها للخطر».
وأوضح أن «تعرض أي منهما (القواعد والمصالح الأمريكية) للصواريخ من قبل المقاومة، يعني إجبار الولايات المتحدة الأمريكية على الدخول في حرب تسعى بشتى الطرق للابتعاد عنها، لأسباب عديدة أبرزها الانتخابات الأمريكية بعد ثلاثة أشهر، والجبهة المفتوحة بين روسيا وأوكرانيا، حيث أن أمريكا ليس بوسعها فتح جبهة جديدة في المنطقة في ظل وجود جبهات مفتوحة».
وتزامناً مع انطلاق دفعة صواريخ عملية «الوعد الصادق 2» سارع العراق بإغلاق حركة الطيران في جميع مطاراته أمام جميع الرحلات.
وفي ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء/ الأربعاء، نقل مكتب وزير النقل العراقي، رزاق محيبس عن الأخير قوله، إنه «بسبب التوترات الإقليمية تم إيقاف الملاحة الجوية العراقية إلى إشعار آخر؛ من أجل الحفاظ على سلامة الطيران المدني في الأجواء العراقية».
وعلى الفور، باشرت الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية إخلاء الأجواء العراقية من الطائرات الآتية والمغادرة والعابرة بشكل تدريجي؛ من أجل «المحافظة على سلامة المسافرين الوافدين إلى مطارات العراق وكذلك الطائرات التي تعبر أجواءنا» وفقاً للبيان الذي أفاد أيضاً أن «الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية أوقفت جميع رحلاتها بشكلٍ مؤقت، لأسباب احترازية إلى إشعار آخر؛ حفاظا على سلامة المسافرين».
واستمر الإغلاق بضع ساعات قبل أن يعلن الوزير عودة حركة الطيران إلى طبيعتها وبشكل تام ولجميع المطارات العراقية بعد توقفها بسبب التوترات الإقليمية.
وفي بيان لاحق، ذكرت الوزارة أنه «بعد تخطي جميع المخاطر التي كانت من المحتمل ان تؤثر على أمن وسلامة الطيران المدني في العراق، أوعز وزير النقل بعودة فتح الأجواء العراقية أمام الطائرات المدنية العابرة للأجواء والقادمة والمغادرة للمطارات العراقية».
وفي التوقيت ذاته، تناقلت مواقع إخبارية محلية أنباءً تفيد باستهداف صاروخي طال قاعدة «عين الأسد» في محافظة الأنبار، غير إن أنباءً مقابلة نفت ذلك وتحدّثت عن سقوط خزان وقود لأحد الصواريخ الإيرانية المتجهة إلى إسرائيل، في أرض خالية على مسافة بعيدة عن القاعدة، من دون أن يصدر أيّ موقف رسمي حتى وقت إعداد التقرير. لكن في مقابل ذلك، نفت الفصائل العراقية ضلوعها بالحادث، مشيرة إلى إمكانية تورّط الأمريكان أنفسهم بمثل هكذا أعمال وصفتها بـ«المشبوهة». وقالت في بيان مقتضب، أصدرته تعليقاً على حادثة استهداف «عين الأسد» إن «عملية استهداف قاعدة عين الأسد التي أعلن عنها الأمريكان، هي عمل مشبوه قد يكون لجماعة مرتبطة بالأمريكان أنفسهم».
ويعدّ الحادث هو الثاني من نوعه خلال 24 ساعة، عقب الإعلان عن استهداف موقع يضم «بعثة دبلوماسية» أمريكية في مطار بغداد الدولي.
وأصدرت بعثة الولايات المتحدة في العراق، توضيحاً حول الهجوم الصاروخي على قاعدة «فيكتوريا».
وقالت في بيان، إنه «شنت قوات مجهولة الهوية هجوما على مجمع الدعم الدبلوماسي في بغداد، وهو منشأة دبلوماسية أمريكية، ولم يسفر الهجوم عن أي إصابات ولا تزال عملية تقييم الأضرار مستمرة».
وأضافت أنه «لقد ذكرت بعض وسائل الإعلام أن الهجوم وقع على قاعدة (كامب فيكتوريا) أو بالقرب منها وهذه المعلومة غير دقيقة، حيث سلمت الولايات المتحدة السيطرة على ما كان يُعرف سابقً (كامب فيكتوريا) الى حكومة العراق في عام 2011 ولا توجد بها حالياً قاعدة عسكرية أمريكية». وأشارت إلى أن «الموقع الذي تعرض للهجوم بالقرب من مطار بغداد الدولي، هو مجمع الدعم الدبلوماسي في بغداد وهو منشأة دبلوماسية أمريكية ونأمل من وسائل الإعلام تحديث معلوماتها لتعكس هذه الحقيقة».
كما دعت السفيرة الأمريكية لدى العراق إلينا رومانسكي، الحكومة العراقية لحماية موظفي ومرافق البعثات الدبلوماسية في بغداد.
وقالت في «تدوينة» لها، إنه «شُنّ هجوم على مجمع الدعم الدبلوماسي في بغداد، وهو منشأة دبلوماسية أمريكية. ولحسن الحظ لم تقع أي إصابات».
وأضافت: «أقدر استجابة حكومة العراق السريعة للهجوم، وأواصل طلب التعاون منهم لحماية موظفي ومرافق البعثات الدبلوماسية وشركاء التحالف. يجب أن تتوقف هذه الهجمات».
ووسط تصاعد الأحداث في العراق والمنطقة، وجه القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بضبط ورفع مستوى القدرات الأمنية العراقية.
وأجرى السوداني، مساء الثلاثاء، زيارة إلى مقرّ قيادة العمليات المشتركة في العاصمة بغداد.
ضبط الأمن
والتقى رئيس الوزراء العراقي، حسب بيان لمكتبه، بـ«عدد من القيادات الأمنية العليا، وأطلع على الوضع الأمني في مختلف قواطع المسؤولية العسكرية، وسير تنفيذ الخطط الأمنية والتحديات التي تواجه الأجهزة والتشكيلات العسكرية بمختلف صنوفها، ومستوى الجهوزية، لدرء أي مخاطر وكل ما من شأنه أن يعكر صفو الأمن والاستقرار».
ووجه القائد العام للقوات المسلحة جميع القادة الأمنيين بـ«بذل أقصى الجهود اللازمة لضبط الأمن في جميع أرجاء البلاد» كما شدد على «مواصلة تعزيز قدرات القوات الأمنية، وتطوير آليات التدريب التي تساهم في رفع مستوى الجهوزية أمام المخاطر التي قد تهدد البلد، في ظل بدء تنفيذ الإعلان المشترك مع الولايات المتحدة والخاص بإنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق خلال عام».