تصاعد العدوان في لبنان وقطاع غزة كشف عن نوايا الاحتلال الإسرائيلي عقب انتهاء الحرب. الاستيطان لم يغِب يومًا عن أدبيات المؤسسة الإسرائيلية، والدليل على ذلك تسارع وتيرته خلال العقود الماضية. إلا أن أراضي جديدة دخلت دائرة النقاش داخل العقلية التي تدير الحرب.
نشرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية مقالاً لمايكل فرويند، الذي شغل منصب مدير الاتصالات في إحدى حكومات بنيامين نتنياهو. في مقاله، يقول فرويند: “إسرائيل نشأت في ظل حدود دولية بين الدولة اليهودية وجيرانها في الشمال، ولكن هذا لا يعني أن هذا الوضع كان دائمًا كذلك، أو أنه يجب أن يستمر”.
ويضيف: “كان جنوب لبنان جزءًا واضحًا من أرض إسرائيل، ومن الناحية التاريخية، فإن جنوب لبنان هو في الواقع شمال إسرائيل، وجذور الشعب اليهودي عميقة في هذه المنطقة”.
حظيت مدينتا صيدا وصور بحضور بارز في المقال، حيث يشير فرويند إلى أن “الحدود الحالية بين إسرائيل ولبنان لا يزيد عمرها عن قرن من الزمان، وهي مصطنعة بالكامل، ومن بقايا الحقبة الاستعمارية الأوروبية”.
في محاججته حول أحقية إسرائيل في صيدا، يستشهد فرويند بالتوراة وما جاء في سفر التكوين: “كانت حدود كنعان من صيدا نحو جرار إلى غزة، ثم نحو سدوم وعمورة وأدمة وتسيبويم إلى لاشع”. كما يشير إلى مقام “زبولون”، واصفًا إياه بأنه كان “محجًا لليهود من مختلف أنحاء المنطقة وخارجها على مدى قرون”.
دعوات استيطانية متجددة
في أعقاب السابع من أكتوبر العام الماضي، تنامت دعوات لحركات استيطانية جديدة. إحدى أبرز هذه الحركات هي “حركة الاستيطان في جنوب لبنان”، المعروفة باسم عوري تسافون. تأسست الحركة عقب مقتل الجندي الإسرائيلي يسرائيل سوكول، البالغ من العمر 24 عامًا، خلال الاشتباكات في قطاع غزة. وبحسب تصريحات عائلته للصحافة، كان سوكول يتوق لإنشاء مستوطنات لا في غزة فحسب، بل على امتداد الجنوب اللبناني وصولًا إلى صيدا.
سيطرة اليمين الإسرائيلي، وخاصة الحريديم، عززت هذه الدعوات. وكان من أبرز التحركات مؤتمر نظمته عوري تسافون في يونيو الماضي، حضره مئات من النخب الإسرائيلية، الذين دعوا إلى وضع كل الجنوب اللبناني تحت السيطرة الإسرائيلية.
الخلاصة
هذه التصريحات والتحركات تعكس الأطماع الاستيطانية المتجددة في لبنان، والتي تسعى إلى إعادة تشكيل الحدود وفرض واقع جديد يتجاوز حدود الاحتلال الحالية. تعتبر صيدا وصور رموزًا لهذه الأطماع، ما يستدعي وعيًا ومواجهة متماسكة من قِبل المجتمع اللبناني لصد هذه المحاولات.