“أكد لينين وهو يخوض صراعا ضد الفلاسفة المحرفين

أكد لينين وهو يخوض صراعا ضد الفلاسفة المحرفين، على وحدة وتماسك المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية. لقد كتب إن فلسفة الماركسية “مصنوعة من سبيكة فولاذية واحدة. ولهذا فإنه من المستحيل فصل مقدمة أساسية واحدة أو جزء جوهري واحد منها دون الوقوع في شبكات من الأكاذيب والافتراءات التي تروجها البرجوازية الرجعية” فما هو الارتباط الداخلي والوحدة المتماسكة بين المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية؟ إن المادية التاريخية هي نتيجة تطبيق فرضيات الفلسفة المادية والديالكتيكية في معرفة المجتمع البشري، وبالتالي، فإنها ترتكز على العقيدة المادية الفلسفية العامة. ومن الناحية الأخرى، فإن المادية التاريخية تجعل هذه الفلسفة المادية تأخذ شكلها النهائي وتعمل على تكامل بنائها. وأصبح في وسع الفلسفة المادية أن تعطي تفسيرات علمية لا لظواهر الطبيعة فحسب، بل والحياة الاجتماعية أيضا بعد أن تم اكتشاف المادية التاريخية. ولهذا فإنه يستحيل علينا أن نعتبر المادية التاريخية علما من العلوم المستقلة فقط، حيث نطبق عليه أسلوب المادية الديالكتيكية. إن المادية التاريخية جزء لا يتجزأ من الفلسفة الماركسية، وبدون هذه الفلسفة تكون العقيدة الماركسية اللينينية فقدت مغزاها. إن المادية التاريخية هي علم فلسفي لأنها تحل، في مقدمة ما تحله من مشاكل المجتمع، المسألة الرئيسية للفلسفة، وهي العلاقة بين الوعي والوجود. وفي حل هذه المسألة نجد وحدة المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية. فإذا كانت المادية الديالكتيكية تعترف بأن الوجود الواقعي موضوعيا ومستقل عن الوعي، فإن المادية التاريخية تعترف أن الوجود الاجتماعي واقع موضوعي ومستقل عن الوعي الاجتماعي. ويعتبر هذا العلم وذاك أن الوعي، وضمنه الوعي الاجتماعي، هو انعكاس دقيق للواقع الموضوعي إلى هذه الدرجة أو تلك وتشغل مسألة علاقة الوعي الاجتماعي بالوجود الاجتماعي في المادية التاريخية مكانا، كالذي تشغله المادية الديالكتيكية في المسألة العامة عن علاقة الوعي بالوجود. إن مسألة العلاقة بين الوعي الاجتماعي والوجود الاجتماعي هي مسألة أساسية للتعاليم حول المجتمع، وإن حلولها المتنوعة تضع حدودا فاصلة بين المادية والمثالية في مسألة فهم التاريخ. إن مفاهيم المادية التاريخية كالوجود الاجتماعي والوعي الاجتماعي والعلاقات المادية والعلاقات الإيديولوجية وغيرها تواصل نفس هذه المفاهيم في المادية الديالكتيكية وتشخصها. إن التشخيص (وليس المواصلة فقط) لا بد منه، لأنه من المستحيل الإجابة بواسطة المنطق المجرد عن المسائل الخاصة بمعرفة الحياة الاجتماعية إذا أخذنا مفاهيم المادية الديالكتيكية بشكلها العام”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *