خَسِرَت المقاومة الإسلاميّة، فرع لبنان، قائدها السيّد حسن نصر الله، في عمليّة اغتيال، لا مثيل لها في التاريخ، على مستوى نارِها وطريقة تنفيذها. وكان من الطبيعيّ جدّا أن ترغب المقاومة وجمهورها في ردّ قاسٍ على الاغتيال، لا سيّما أنّه أتى بعد سلسلة اغتيالات قياديّة، وبعد تفجير أجهزة البيجر، وما نتج عنه من خسائر بشريّة…
غير أنّ ولاية الفقيه، التي لم تغِب عن إدارة الحرب، التي يقوم بها حزب الله، استجابةً لمشيئتها، حَرِصَت على أن تختار هي نسبة النار التي تُطلقها المقاومة، وأهداف هذه النّار أيضا.
لذلك، لم يصعّد حزب الله هجماته الصاروخيّة على أرض العدوّ الإسرائيليّ، وصولا إلى استهداف بيت نتنياهو، إلّا بعدما أرادت طهران ذلك، بهدف الضغط على تل أبيب، التي كانت بِصَدد التحضير لردّها على الهجوم الإيرانيّ الأخير. ولا شكّ في أنّ نتنياهو لم يُحرِج واشنطن في ردّه المدروس أمس، الذي جاء حلقة إضافيّة في مسلسل: “هيّا بِنا نَلعَب”.
ومن الملاحَظ أنّ كلمة “كاريش” غائبة غيابا تامّا عن السّيول الكلاميّة على مختلف المنابر شرقا وغربا، بينما كان من المنطقيّ والواقعيّ أن تصل إلى منشآت كاريش النّفطيّة صواريخُ حزب الله، الذي لم يعُد عنده مَن أو ما يخاف عليه، في حرب يخوضها بكلّ شجاعة وصِدق، بغضّ النظر عن رأي مَن يخالفه أو يحالفه. لكنّ “كاريش” تعني عمليّا منشآت نفط إيران ومُفاعِلاتها النَّوويّة، وعليه، فإنّ ولاية الفقيه تصرّ على إبعاد الأذى عنها، محترمة قواعد الاشتباك الصُّوَريّ بينها وبين إسرائيل.
ليست هذه الحقيقة الجارحة بعيدة عن معرفة حزب الله، غير أنّه، وإن كان يرغب في نيران إيرانيّة تلتحم مع ناره في المعركة، يعرف حدوده في اللعبة، ويعرف أنّه الإبن الذي وقَّع وثيقة لأبيه مَفادُها أنّه لن يبلغ سنّ الرّشد السياسيّ والأمنيّ طالما أنّ أباه على قيد الحياة، فمِن الاستحالة على الحزب الإبن أن يتمرّد على أيّ مشيئة لولاية الفقيه الأب.
بعد الردّ الإسرائيليّ الفولكلوريّ على إيران، صار مؤكَّدا أنّ العدوان الإسرائيليّ على لبنان سيتواصل بشراسة ووحشيّة، وما هروب طهران من المواجهة سوى دعم غير منظور لِنَتنياهو، وتَركِه لاستكمال مشروعه في محاولة الإجهاز على حزب الله مهما كلّف الأمر.
نفط إسرائيل بِخير. نفط إيران بِخير، ونحن وَحدنا… نحترق