تُشعل الإنذارات التي تليها الغارات المهولة والمدمّرة ليل لبنان منذ قررت اسرائيل فتح معركة القضاء على حزب الله وتدمير بنيته التحتية وشبكة مصالحه الخاصة، فانتقلت الجبهة اللبنانية الى أساسية مع الجبهة الغزاوية، وبات المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي افيخاي أدرعي يخرج كل ليلة محذراً، متوعداً وموجهاً إنذارات بإخلاء فوري لأحياء او بلدات بأكملها بذريعة وجود ذخائر وأسلحة وأنشطة ومصالح للحزب، وصولاً الى تهديد المستشفيات ومحيطها كالإنذار الذي وجّه الى مستشفى الساحل والضربة التي طالت حي المقداد عند مدخل مستشفى بيروت الحكومي والتي أثارت ريبة كبيرة حولها بانتقال اسرائيل الى استراتيجية مدمّرة أوسع. الضربات الاسرائيلية تطال المناطق التي توصف بأنها حاضنة شعبية للحزب وهي بالشكل تستهدف جغرافيته، والوعود الاسرائيلية بتدمير الضاحية بالكامل اثر استهداف منزل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في قيسارية، فتحت الباب على حرب الإبادة والتهجير بأحدث آلة عسكرية اميركية، الى جانب تشريع حرب الاغتيالات او الحرب الأمنية والاستخبارية التي تتقنها اسرائيل بمواكبة تكنولوجية متطورة.
في زيارته أول أمس، حمل الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكشتاين رسائل النار من تل أبيب الى بيروت، وخلاصتها ان الحرب ستتواصل وشرط وقفها القبول بالمطالب الاسرائيلية و”لبنان ليس في موقع النقاش” او التفاوض.
الشروط الاسرائيلية التي وصفها المراقبون بـ “الاستسلامية” اتّخذت بالشكل مبدأ تطبيق الـ 1701 معدلاً، إلا انها فعلياً تقوم على أنقاضه، ولأن الشيطان يكمن في التفاصيل، بدا واضحاً ان توسيع نطاق عمل اليونيفيل يعود الى رغبة اسرائيلية قديمة متجدّدة بالسيطرة على الغلاف المحيط بالمستوطنات لحمايتها وصولاً الى عمق الاراضي اللبنانية من خلال إجراء عملية مسح جوي وتفتيش دقيق في المنطقة التي يشملها القرار الدولي وحدودها شمال الليطاني بمسافة عدة كيلومترات بالاضافة الى مراقبة المطار والمرافئ.
ويبدو مما تقدم ان المعركة الدبلوماسية التي يخوضها لبنان لا تقلّ شراسة عن المعارك القاسية التي يشنّها الجيش الاسرائيلي، وفي كلا الحالَين فإن موعد عودة هوكشتاين مؤجل الى أجل تُجرى فيه التعديلات على وقع الميدان الملتهب توازياً مع ضوء اميركي أخضر باستمرار الضربات التي من المتوقع ان تشتدّ وتيرتها مع مزيد من التدمير الممنهج للضاحية والبقاع الى جانب جبهة الجنوب المفتوحة.