من الملاحظ أن إسرائيل ضمّت إلى أهدافها مستشفى “الساحل” الذي يديره النائب في كتلة الرئيس بري فادي علامة، ما فهم أنه رسالة سياسية إلى بري نفسه. في نفس الليلة أيضاً، شنت إسرائيل هجمات على منطقة مدنية آهلة بالسكان تقع في منطقة الجناح بمحيط مستشفى رفيق الحريري الحكومي، وهي منطقة تتسم بالولاء للرئيس بري. وفي أعقاب الليلة العنيفة، قررت إسرائيل إعتبار منطقة “الحوش” التابعة لمدينة صور جنوب لبنان حيث النفوذ الأكبر للرئيس بري، “منطقة عسكرية” يمنع تواجد المواطنين فيها ثم بادرت إلى قصفها وتدميرها. ما فهم من الرسائل التي حملها القصف، أن التعاطي اللبناني مع “ورقة الإستسلام” التي حملها هوكشتين لم يرق لتل أبيب، وربما لم ترق لهوكشتين نفسه، فاتخذ القرار بتوسيع مدى القصف، وتوجيه رسائل حازمة إلى بري، وممارسة ضغوطات كبيرة عليه، وعبره ومن خلاله على الحزب وبيئته، أو دفع بري إلى التراجع والتراخي أو تقديم التنازلات.
بالموازاة، ثمة ضغوطات متزايدة على بري يتولاها أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من بينهم من يهدد بعقوبات بسبب ما يقولون إنه “دور لبري في منع انتخاب رئيس للجمهورية”.
بطبيعة الحال هذه الضغوطات غير منفصلة عن الدور الدبلوماسي الأميركي. تعتقد مصادر سياسية بارزة، أن واشنطن تريد الآن وفي ظل الحرب من بري، أن يفعّل دوره في ما له صلة بإنتخاب رئيس للجمهورية. وفي تقدير هؤلاء أن واشنطن تريد أن يكون هناك رئيس جمهورية مقرب منها (يعتقد أن المطروح هو قائد الجيش جوزاف عون) كي يتولى التفاوض ربطاً بما ينص عليه الدستور اللبناني، وأن ينتزع من بري هذه الورقة، بما يسهل التوصل لاتفاق لاحق مع إسرائيل حيث لا يكون لبري تأثير كبير. وطالما أن الوصول إلى هذا الهدف غير واضح الآن فإن القرار هو في ترك الآلة العسكرية العسكرية تأخذ وقتها.
الحل؟
يُنظر إلى قتال الحزب عند الجبهة على أنه القادر على توفير أوراق يمكن استخدامها في مجال تقوية الموقف التفاوضي لكل من بري والحكومة اللبنانية. ويفترض أن المقاومة، وفق الخط البياني الحالي، متجهة إلى رفع وزيادة نوعية وجودة ضرباتها.
عملياً، يتكئ رئيس المجلس في قتاله الدبلوماسي على قوة الحزب وأيضاً على ضمانات داخلية. من الواضح أن الخرق الدبلوماسي مستبعد الآن، والسقوف التفاوضية ما تزال عالية، ما يرجح انغماس الجميع في جولة من التصعيد العسكري والسياسي وعلى الأكيد ستتجاوز موعد فتح صنادق الإقتراع في الإنتخابات الرئاسية الأميركية ..