اخبار العراق

فضيحة "الشهادات المزورة": عمود الفساد الذي أفرزه نظام الاحتلال في العراق الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي

لاتزال قضية ملف الشهادات المزورة للمسؤلين في النظام الفاسد الفاشل في العراق بعد احتلاله تشكل هاجسا خطيرا لدى كل يطلع على هذا الملف والملفت ان هذا الموضوع اكتسب اهمية اكبر واخطر لاسيما عندما يتم الحديث عنم من قبل شخصية مهمة مثل رئيس وزراء لبنان نواف سلام يمثل انعطافة مهمة جدا
لقد ظلت قضايا الفساد في العراق بعد الاحتلال عام 2003 تتخذ أشكالاً شتى لكن من أخطرها وأكثرها تدميراً هو ذلك النوع الذي يضرب في صميم المؤسسات ويقوض الثقة بها من جذورها. واليوم عندما يتناول رجل دولة بحجم ووزن نواف سلام رئيس وزراء لبنان السابق وقاضي محكمة العدل الدولية سابقاً في تسريبات موثقة ملف “الشهادات المزورة” لكبار المسؤولين في العراق المحتل فإن القضية تنتقل من مجرد همس محلي إلى فضيحة دولية كبرى تعصف بما تبقى من سمعة هذا النظام المتهرئ ولابد من الوقوف عندها طويلاً ورغم اني ومثلي كثيرين من العراقيين الشرفاء تناولنا الكتابة والحديث عن هذه الظاهرة اللاأخلاقية المسيئة لبلدنا العراق مصدر ومنبع العلم والعلماء دفعناً الاستاذ نواف سلام للكتابة من جديد عن هذه الظاهرة المعيبة على العراق وشعبه !
إن المتابع للشأن العراقي يدرك أن تضخم ظاهرة تولي المناصب العليا بشهادات مزورة ليس مجرد خلل إداري عابر بل هو نتاج طبيعي يكشف الطبيعة المختلة للمنظومة السياسية التي نشأت وترعرعت تحت مظلة الاحتلال وما بعده. ففي نظام يقوم على المحاصصة والولاء والطائفية والعشائرية والعائلية ووو بدلاً من الكفاءة والجدارة ….يصبح تزوير المؤهلات أسرع طريق لتسلق سلم السلطة. هذه الظاهرة لم تعد تقتصر على الدرجات الوظيفية الدنيا بل تسربت كالسم والسرطان إلى أعلى المناصب القيادية والتشريعية والتنفيذية.
إن انتشار هذه الآفة يعني أن القرارات المصيرية للدولة من الأمن إلى الاقتصاد والخدمات، تقع في يد فئة غير مؤهلة علمياً أو مهنياً. إنهم أفراد استبدلوا الجهد الأكاديمي والنزاهة المهنية بخدعة ورقية وبذلك يرتكبون جريمة مضاعفة: التزوير وتدمير المؤسسات بشكل متعمد من الداخل. لا يمكن لدولة أن تنهض أو تقدم خدمات لمواطنيها إذا كان مدعي النخبة التي تحكمها قائمة على الغش والزيف. إنها ثلة فاسدين تضحك على عقول المواطنين وتهدر ثروات بلد بأكمله.
إن شهادة نواف سلام كشخصية إقليمية محايدة وذات خبرة قانونية ودولية تمنح الملف اهمية وثقلاً لا يمكن للمسؤولين في بغداد تجاهله أو وضعه في خانة “التصفيات السياسية”. لقد أصبحت هذه القضية بفضل هذه التسريبات حجة لا يمكن دحضها على أن الفساد في العراق ليس مالياً فقط بل هو فساد في الكفاءة والذمة الأكاديمية والمهنية. هذا الفساد الأكاديمي هو الذي يفسر غالباً الانهيار في الخدمات وسوء التخطيط وفشل المشاريع التنموية التي تقدر بمليارات الدولارات. فالجاهل والمزور كما هو حال من يحكمون العراق لا يمكن أن يقود عملية بناء.
على الحكومة العراقية ومؤسساتها الرقابية مسؤولية تاريخية لا تقبل التأجيل. يجب أن تتحول هذه التسريبات إلى محرك لحملة تطهير واسعة وفورية. فلا يكفي التحقيق في حالات فردية بل يجب إجراء تدقيق شامل لكافة الشهادات العليا في جميع المؤسسات السيادية بدءاً من المناصب الوزارية ومروراً بالدرجات الخاصة وصولاً إلى الأجهزة الأمنية. لا يجوز التسامح مع أي مسؤول يثبت تزويره لشهادته وإقالته وسحب امتيازاته ومحاسبته قانونياً هو أقل ما يمكن فعله لاستعادة هيبة الدولة.
إن محاربة الشهادات المزورة هي المعركة الحقيقية لإعادة بناء العراق على أساس الجدارة والكفاءة التي اصبحت سنه للنظام الذي فرض لحكم العراق بعد احتلاله بدلاً من بقائه رهينة لنظام المحاصصة والفساد الذي زرعه الاحتلال. هذه الخطوة وغيرها كفيلة بأن تفتح الباب أمام جيل حقيقي من الكفاءات لقيادة البلاد وإلا فإن النظام سيبقى قائماً على أعمدة من ورق ومزيفين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى