Uncategorized

عراقيون أبطال عقول تصنع المعجزات وتُترك في الظل – الاستاذ الدكتور قيس عبدالعزيز الدوري

عقول تتحدى الواقع

العراق لم يكن يومًا بلدًا فقيرًا بالعقول، بل غنيًّا بمبدعيه الذين قرروا أن يصنعوا المستحيل رغم الفقر والحروب والإهمال. وفي وقتٍ تتسابق فيه الأمم لدعم المبتكرين، ما زال العراقي يواجه التجاهل وهو يحمل بين يديه مشاريع كان يمكن أن تغيّر وجه العالم.

العراقي إذا أُتيحت له الفرصة، يستطيع أن يبني أمة كاملة.

الماء بدل البترول: ثورة ضائعة

في إحدى المدن العراقية، حاول شاب أن يكسر احتكار النفط بابتكار طريقة لاستخدام الماء كوقود بديل للبترول. حلمٌ لو تحقّق لكان العراق اليوم رائدًا في الطاقة النظيفة. لكن بدلاً من أن يُفتح له باب الدعم، أُغلقت الأبواب، وتحوّل حلمه إلى صدى بعيد.

السيارة الكهربائية: سباق مع العالم

في وقتٍ كان فيه العالم يتجه نحو السيارات الصديقة للبيئة، قرر شاب عراقي أن يصنع سيارة كهربائية بموارده البسيطة. مشروعه لم يكن هواية، بل تحديًا للعالم. ومع ذلك، لم يجد من يقدّر جهوده، فبقي إبداعه حبيس الورش الصغيرة، بينما العالم يصفق لشركات كبرى.

الطائرات في البصرة وديالى: الحلم يُحلّق

في البصرة وديالى، برز شابان آخران صنعا طائرتين هليكوبتر بموارد محدودة. لا يعرف أحدهما الاخر وكانت تجاربهما رسائل تقول إن العراقي قادر أن يحلّق عاليًا. لكن الرسائل لم تجد من يقرأها، فبقيت أحلامهما تحوم في سماء ضيقة بدل أن تفتح لها أجواء واسعة.

صديقي من العائلة العريقة إلى منظومة الإدراك

أما القصة الأعمق فهي قصة صديقي العراقي ورفيق السلاح حتى لا تفسر خطأ تخرجنا من الكلية العسكرية العراقية سوية ولذلك يطلق على مثل هذه الصداقة رفيق السلاح وكان وكان هو الأول على افراد دفعتنا البطله الف ومائة وعشرة طالب كان هو تسلسله واحد الأول على الدورة والمقيم في إحدى الدول العربية، الذي صنع سيارة متكاملة بجهده وفكره ومن حر ماله .

هو ليس مجرد مخترع؛ بل ابن عائلة عراقية عريقة، والده رحمه الله ألّف عشرات الكتب وكان شخصية مؤثرة ترك أثرًا لا يُمحى في تاريخ الفكر العراقي. عائلته مليئة بالشخصيات الكبيرة التي خلدها تاريخ العراق، واليوم يقف هو ليواصل هذا الإرث العظيم.

لكن صديقي لا يكرر الماضي فقط، بل يتجاوزه؛ (خالي من العُقد والأمراض النفسية ) فهو لم يتوقف عند كونه منظومة وعي، بل اجتازها إلى مستوى أرقى: منظومة الإدراك العقلي وما هو أبعد من ذلك. عقله لا يكتفي بأن يستوعب، بل يعيد إنتاج الأفكار ويبتكر حلولًا تجمع بين التقنية والفلسفة والوعي الإنساني.

وما يزيده فرادة هو موقفه الوطني: لقد رفض الزواج حتى يتحرر العراق ويصبح بلدًا حرًا مستقلًا. قرر أن حياته الخاصة لن تبدأ إلا عندما يبدأ وطنه حياة جديدة بلا قيود.

رغم كل التحديات، لم يعرف صديقي الإحباط، بل يمتلك القدرة على المطاولة والصبر الطويل. ما زال يبدع بلا توقف، ويُدهش كل من يجالسه بأفقه الواسع؛ فهو يتحدث عن البيئة، السياسة، الفلسفة، التاريخ، والتكنولوجيا، وكأنه مكتبة بشرية لا تنضب.

سيارته التي صنعها لم تكن مجرد إنجاز ميكانيكي، بل رسالة تقول:

العراقي لا يصنع آلة فقط، بل يصنع مستقبلًا.

المسؤولية الثقيلة

كل هذه النماذج من وقود الماء إلى السيارات والطائرات ليست استثناءات، بل شواهد حيّة على أن العراق يملك ثروة عقلية أغلى من النفط. لكن هذه الثروة تُترك تذبل أو تهاجر. هنا تقع المسؤولية على الحكومات والمؤسسات التي لم تضع الإبداع ضمن مشروع وطني جامع.

واخيراً سؤال مفتوح

لقد أثبت هؤلاء الشباب أن العقل العراقي قادر على كسر المستحيل. لكنهم جميعًا باستثناء قلة صامدة وجدوا الإهمال بدل الدعم. ويبقى السؤال الذي يجب أن نطرحه بجرأة:

إلى متى سنظل نُهمل العقول حتى تصبح ثروتنا البشرية في حالة هدر ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى