قمة الدوحة بين الواقع والطموح والإنجازات
قمة الدوحة بين الواقع والطموح والإنجازات
الاستاذ الدكتور قيس عبدالعزيز الدوري
عضو المنتدى العراقي للنخب والكفاءات
القمة التي استضافتها الدوحة لا تُعد حدثًا عابرًا في سياق السياسة الدولية، بل هي انعكاس لرؤية استراتيجية متكاملة وضعتها قطر لتعزيز مكانتها كمحور للحوار وصناعة القرار العالمي وراقبنا ذلك من خلال شاشات التلفاز الذي
شهدت به الدوحة مؤخرًا قمة استثنائية بكل المقاييس، لم تكن مجرد اجتماع دبلوماسي عادي، بل كانت تظاهرة من الطموح والإنجاز التي أثبتت من خلالها دولة قطر قدرتها الفائقة على إدارة الأحداث الكبرى بكفاءة عالية وتنظيم دقيق. لقد تجلى هذا النجاح في مختلف جوانب القمة، بدءًا من الاستقبال الحافل وصولًا إلى القرارات التاريخية التي تمخضت عنها.
تنظيم يرقى إلى الكمال
من اللحظة الأولى لوصول الوفود، كان من الواضح أن الحكومة القطرية قد عملت كخلية نحل لا تعرف الكلل. لقد كانت عملية الاستقبال رائعة حتى أن سعادة وزير الثقافة كان له دور في استقبال وتوديع الضيوف، مما يؤكد على أن العمل كان جماعيًا ومتناغمًا.
وزارة الخارجية ودورها المميز
لعبت وزارة الخارجية القطرية دورًا محوريًا وحيويًا في إنجاح القمة، حيث كانت هي العقل المدبر والذراع التنفيذية لجميع الإجراءات الدبلوماسية. لقد كانت مسؤوليتها تتجاوز مجرد التنسيق اللوجستي لتشمل تطبيقًا دقيقًا للمراسم البروتوكولية الدولية.
حضور رفيع المستوى ودلالة على المكانة
لم تكن القمة مميزة فقط من حيث التنظيم، بل أيضًا من حيث مستوى التمثيل. فقد شهدت حضورًا واسعًا لرؤساء وملوك الدول الذين هم على رأس السلطة، وهذا الحضور الرفيع لم يكن محض صدفة، بل هو دليل على مكانة قطر ودورها المحوري في المنطقة والعالم. كما أن التناوب على إدارة الجلسات بين سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ومعالي رئيس الوزراء الشيخ محمد عبدالرحمن آل ثاني كان لفتة تؤكد على العمل المشترك والتكامل في الأداء
لقد كانت قمة الدوحة بمثابة شهادة حية على أن الطموح عندما يقترن بالإرادة والتخطيط الدقيق، يتحول إلى إنجازات ملموسة. أثبتت قطر أنها ليست فقط قادرة على استضافة الأحداث العالمية، بل على إدارتها بكفاءة واقتدار، وإيصال رسالة للعالم بأنها قوة فاعلة ومؤثرة في الساحة الدولية.حيث أدانت القمة العربية الإسلامية، التي انعقدت في الدوحة في أعقاب العدوان الإسرائيلي على دولة قطر في سبتمبر 2025، الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة واعتبرتها تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الإقليمي والدولي، مؤكدين على الالتزام الصارم بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، خاصة المادة (42) التي تحظر استخدام القوة أو التهديد بها ضد سلامة أراضي أي دولة
وأعرب المشاركون عن التضامن المطلق مع دولة قطر ودعمها في مواجهة الاعتداء وحماية أمنها واستقرارها، معتبرا أن الاعتداء على قطر تصعيدًا خطيرًا يقوض جهود الوساطة والسلام في المنطقة، ويمثل تعديًا على دورها كوسيط رئيسي في قضايا غزة وإطلاق سراح الأسرى.
وأشاد المشاركون بالقمة بالموقف الحضاري والمسؤول لقطر في تعاملها مع الأزمة، وتمسكها بالمسار القانوني والدبلوماسي، معربة عن دعم جهود الوساطة الإقليمية والدولية التي تضطلع ودول عربية أخرى، والتأكيد على ضرورة استمرار العمل السياسي لـ وقف العدوان على غزة.
ورفض القادة العرب والمسلمون أي مبررات إسرائيلية لتبرير العدوان، باعتباره انتهاكًا مباشرًا للقانون الدولي، مؤكدا الرفض التام للتهديدات الإسرائيلية التي تستهدف أمن دول المنطقة، وتحذير من تداعياتها على الاستقرار.
وأدان البيان محاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني واعتبارها جريمة ضد الإنسانية، والتشديد على حماية الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرف، موضحا أن السياسات الإسرائيلية تسببت في كارثة إنسانية من حصار وتجويع وتدمير البنية التحتية.
وحذرت القمة من التداعيات الكارثية لاستمرار الانتهاكات، مطالبة بتحرك عاجل من المجتمع الدولي، وأكدت على أهمية الالتزام بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ورفض الخطاب الإسرائيلي المضلل.
ورحبت القمة باعتماد إعلان نيويورك الداعي لتنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية واعتبرت القمة أن العدوان الإسرائيلي الأخير يشكل سابقة خطيرة تهدد ليس فقط دولة قطر وإنما الأمن القومي العربي والإسلامي برمته، مشددة على أن الرد الجماعي العربي والإسلامي سيكون حاضرًا ضد أي اعتداءات مستقبلية، مع الدعوة إلى تحرك عاجل لمحاسبة إسرائيل على جرائمها.


