Uncategorized

صوت الشباب هو مستقبل العراق

الدكتور مصطفى الصبيحي

حين أكتب عن الشباب فإنني أكتب عن العراق نفسه، عن القلب الذي ما زال ينبض رغم الجراح، وعن الروح التي ما زالت تبحث عن أفق جديد. الشباب ليسوا مجرد شريحة عمرية في الإحصاءات، بل هم كل بيت وكل عائلة وكل حلم مؤجل. هم تلك العيون التي تنظر إلى الغد بلهفة، وتنتظر أن تجد لها مكانا في وطن أنهكته الأزمات والحروب.
لقد عشت مثلهم، ورأيت ما يعانونه، وأدركت أن الدفاع عن الشباب ليس شعارا سياسيا عابرا، بل هو قضية العمر ورهان المستقبل. الشاب الذي يقف في طابور البطالة سنوات طويلة هو نفسه الذي يستطيع أن يكون رائد أعمال ناجح إذا توفرت له الفرصة. الشاب الذي يهاجر عبر البحار بحثا عن حياة كريمة هو نفسه الذي يمكن أن يكون مهندسا أو طبيبا يبني وطنه إذا وجد من يحتضن أحلامه.
الشباب اليوم يشعرون بأنهم غرباء في بلدهم. يسمعون عن خطط التنمية ولا يرون نصيبا لهم فيها، يدرسون في الجامعات ثم يصطدمون بجدار البطالة، يحلمون بالحرية فيجدون القيود، يبحثون عن دور في السياسة فيرون الأبواب مغلقة أمامهم. هذه المأساة اليومية ليست قدرا محتوما، بل هي نتيجة سياسات خاطئة ورؤية ضيقة لم تعط الشباب مكانتهم الحقيقية.
رسالتي واضحة: لن يكون لي دور إلا بالوقوف مع الشباب. إنهم ليسوا عبئا على الدولة بل هم ثروتها الكبرى، وليسوا مشكلة تحتاج إلى حلول مؤقتة بل هم الحل نفسه إذا أُعطوا الفرصة. لا أريد أن أرفع شعارات براقة لا تجد طريقها إلى التطبيق، بل أريد أن أجعل من قضاياهم أولوية في كل حديث وكل مبادرة وكل مشروع.
حين نتحدث عن المستقبل لا يمكن أن نتجاهل الشباب. هم نصف الحاضر وكل المستقبل. لا يمكن أن نبني بلدا مستقرا إذا استمر الشباب في الهجرة أو الانسحاب أو الانكسار. ولا يمكن أن نصنع نهضة إذا بقيت طاقاتهم مكبوتة خلف جدران الإهمال. الطريق يبدأ من الإيمان بهم، من الاستثمار في تعليمهم، من فتح أبواب العمل أمامهم، من إشراكهم في القرار السياسي، ومن بناء جسور الثقة بينهم وبين الدولة.
لقد اخترت أن تكون هويتي الإعلامية والسياسية هي الدفاع عن الشباب، لأنني أؤمن أن هذه القضية قادرة على أن توحد الجميع. في العراق قد نختلف على السياسة والطائفة والانتماءات، لكننا لا نختلف على حقيقة أن شبابنا يستحقون حياة أفضل. إنهم أبناؤنا وإخواننا وأصدقاؤنا، وكلنا معنيون بمستقبلهم.
أريد أن أكون صوتهم حين لا يجدون من يسمعهم، أريد أن أكون لسانهم حين يعجزون عن التعبير، وأريد أن أكون جسرهم نحو مستقبل أكثر وضوحا وعدلا. لا أدعي أنني أملك الحلول السحرية، لكنني أعد بأن أضع قضاياهم في المقدمة، وأن أجعل من الدفاع عنهم موقفي الأول والأخير.
إنني أحلم بعراق جديد، عراق يضع شبابه في المقدمة، عراق لا يُختصر بالثروات تحت الأرض بل بالثروات التي تمشي على الأرض. الشباب هم الذهب الحقيقي، هم الطاقة التي لا تنضب، هم الفكرة التي لا تموت. وإذا أردنا أن نكتب قصة مختلفة عن العراق فعلينا أن نكتبها بأيدي شبابه.
هذه ليست مجرد كلمات، إنها قناعة عميقة وتجربة عشتها ورأيتها في عيون من قابلتهم. شبابنا يستحقون أكثر من الوعود، يستحقون أن يروا تغييرا ملموسا في حياتهم. وأنا اخترت أن أكون معهم في هذه الرحلة، أن أشاركهم آلامهم وأحلامهم، أن أكون المدافع الأول عنهم، لا في الإعلام فقط بل في كل ساحة أستطيع أن أصل إليها.
إن مستقبل العراق يبدأ من الشباب، وهذه هي رسالتي وقضيتي ومشروعي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى