اخبار المغرب العربي
أخر الأخبار

موت الأحزاب: نحو تجديد الحياة السياسية بقلم الكاتب الصحافي عبدالله العبادي المختص في الشؤون العربية والإفريقية

“نحو تجديد الحياة السياسية وفتح مسارات جديدة للعمل السياسي”، يتضح من خلال هذا العنوان رغبتنا وعزمنا على فتح حوار ونقاش وطني موسع مع كافة أطياف المجتمع، من أجل إعادة صياغة الكثير من المفاهيم التي من شأنها إصلاح ما أفسدته الأحزاب السياسية منذ عقود، والعودة إلى جادة الطريق من أجل مغرب جديد يستجيب لتطلعات الملك والشعب.
يأتي هذا النقاش في لحظة حساسة من تاريخ المغرب المعاصر، إثر التحولات الجيوسياسية إقليميا ودوليا والتي صارت مفتوحة على احتمالات متعددة. فقد كشفت العديد من المواقف حجم التواطؤ والانهيار الأخلاقي الذي لحق بالعديد من الأحزاب المغربية للأسف. في الوقت نفسه، تم تفريغ العمل السياسي الوطني بشكل ممنهج من فاعليته السياسية، وعوض أن يكون الوطن هدفا للإصلاح أصبح مستهدفا من طرف خونة الداخل والخارج.
حالة الشلل الحزبي اليوم، تزامنت أيضًا مع تحولات كبرى في المشهد الوطني والإقليمي بفضل سياسة ملكية رشيدة. فبينما يدشن الملك مشاريع مغرب المستقبل، تدخل الأحزاب في مرحلة ضبابية جديدة غير واضحة المعالم، تشهد تواطآت مع الخارج وإيديولوجيات تجاوزها الزمن. مؤكدين هشاشة النخب السياسية وإخفاقها في تحقيق انفتاح سياسي مستدام، ومساهمين بشكل كبير في حالة الانهيار الراهنة.
إن تدهور الثقافة السياسية الحزبية في المغرب، راجع بالأساس إلى ضعف بنيوي عميق، يتضمن رفضًا للتأقلم مع الواقع والانخراط في المشروع الوطني لمغرب النماء والحداثة. البعض منهم لا زال تائه في سراديب الحركات القومية، وآخرون يرون في صعود الإسلام السياسي بديل تخيلي، وكلا الإيديولوجيتين لا علاقة لهما لا بالوطن ولا بقضاياه، همهم الوحيد كراسي السلطة والاستوزار والبحث عن مصالح الحزب.
زاد الطين بلة، واقع الاحزاب داخليا، حيث الجمود الثقافي والاستبداد التنظيمي والنزعة الأيديولوجية وانعدام الخيال السياسي، وإقصاء الشباب. كما أن الإنتاج الفكري الجاد من داخل الحزب ضئيل جدا أو شبه منعدم، لأن الأحزاب تفتقر للأطر التي تعزز تشخيص المجتمع والتدقيق العلمي في أزماته. مما ساهم في تكرار الفشل السياسي لفترات متعددة، كل ذلك أدى إلى عجز في استثمار فرص حقيقية للتغيير الديمقراطي.
ومن أجل مغربنا، نفتح هذا النقاش المجتمعي، مؤمنين بفكرة التغيير، ومناصرين لقضايانا الوطنية التي تعلو كل قضايا الكون، ومدافعين عن ملكيتنا، ورافضين لكل ولاءات النخب السياسية للخارج، أو أي تدخل في الشأن السياسي الداخلي. إن مغرب ما بعد 31 أكتوبر يجب أن يستجيب للعديد من الشروط التي سطرها ملك البلاد، وأن تنخرط الأحزاب في الدبلوماسية الموازية دفاعا عن قضايا الوطن، وأن لا يكون ولاءها إلا للوطن.
في ظل تقهقر العمل الحزبي، تبقى الخطوة الوحيدة هي الدعوة لإلغاء الانتخابات المقبلة، وتشكيل حكومة التكنوقراط يقودها ملك البلاد، حتى تعترف الأحزاب بالاخفاقات الهيكلية العميقة التي تعيشها، وضرورة إصلاحها قبل الدخول في انتخابات مقبلة. إلا أن الأمر يعتبر قفزا على مكتسبات الدستور، لكننا نؤمن بظهور شخصيات ملكية وطنية جديدة بالمشهد السياسي المغربي لقيادة المرحلة المقبلة.
هذا النقاش المجتمعي سيمكننا من فهم جيد للحزب وبرنامجه وإيديولوجيته وعلاقته بالمجتمع والوطن، حتى تكون انتخابات 2026 استثناء في كل شيء، وتفرز حكومة استثنائية من اجل مرحلة استثنائية من تاريخنا الحديث

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى