اخبار مصر
أخر الأخبار

مصر تستحق الحقيقة… ولا يليق بها هذا العبث الانتخابي

لم يعد في إمكان أحد أن يتجاهل حجم الفوضى التي التهمت العملية الانتخابية من أول لحظة وحتى إعلان النتائج وكأننا أمام مشهد مُعد مسبقًا لا يشبه دولة بحجم مصر ولا يليق بتاريخها شهادات تُهمس في الخفاء وأخرى تُقال في العلن أموال تتدفق بلا حساب ووجوه تشتري طريقها إلى البرلمان كما تُشترى السلع في الأسواق حتى تحولت الانتخابات إلى مزاد مفتوح لا يسمع فيه صوت المواطن إلا كصدى بعيد يختفي تحت ركام المال السياسي إن ما جرى ليس خلافًا إداريًا ولا مجرد سوء تنظيم بل انهيار كامل لمبدأ النزاهة نفسها وكأن الشعب يُطلب منه أن يقبل نتائج لم يُشارك في صناعتها وأن يسلّم ببرلمان لم يُولد من إرادته الحرة بل من جيوب القادرين.

ولم يعد مقبولًا أن يُقال للناس إن التمديد للبرلمان الحالي ضرورة بينما يعلم الجميع أنه لا سند دستوري لهذا التمديد وأن بقاءه يعني ببساطة شرعنة وضع مشوّه لا يعبّر عن أي حياة سياسية حقيقية إن مصر أكبر من أن تُدار بمنطق الترقيع وأكبر من أن يُفرض عليها مجلس فاقد للثقة والشرعية الشعبية وإذا كانت الانتخابات قد ضُربت في قلبها فالأمانة تقتضي إلغاءها كاملة لا ترقيعها ولا الاكتفاء بإعادة جزئية هنا وهناك لأن الأزمة ليست في الصناديق بل في المناخ ليست في الأرقام بل في القواعد نفسها ليست في النتائج بل في الطريقة التي صُنعت بها.

إن الحل الوحيد الذي يليق بدولة بحجم مصر ويليق برئيس يعرف قيمة المسؤولية هو أن تنتقل سلطة التشريع مؤقتًا إلى سيادته كي يصدر مراسيم بقوانين لمدة محدودة لا تتجاوز احتياجات الإصلاح الشامل ثم يبدأ فورًا في إعادة بناء المنظومة السياسية والحزبية والانتخابية من جذورها منظومة تفتح الباب أمام جيل جديد من الكفاءات وتُعيد الثقة بين الدولة والمواطن وتُطلق حياة سياسية حقيقة لا صورية ثم تُجرى انتخابات جديدة حرة نزيهة تُعيد للمجلس النيابي قيمته وهيبته ودوره الرقابي بعيدًا عن التلاعب والتوجيه والمصالح والمال.

وعندما ينتخب الشعب برلمانًا جديدًا بإرادته الحرة فسيكون له كامل الحق في مراجعة كل ما صدر من مراسيم تعديلها أو اعتمادها أو إلغائها ليعود ميزان السلطات إلى طبيعته وتعود مصر إلى طريقها الصحيح دولة مؤسسات لا دولة مجاملات دولة قانون لا دولة نفوذ دولة احترام المواطن لا شراء المواطن.

إن مصر لا تُبنى بالسكوت ولا تُصان بالتمرير ولا تُدار بالخوف من الحقيقة وإن الغضب ليس خروجًا عن الولاء بل خروجًا عن الصمت الذي يدمّر الأوطان ونحن نكتب لأننا نحب هذا البلد ونرفع الصوت لأننا نثق أن رئيسها قادر على التصحيح قادر على المواجهة قادر على أن يقول للمصريين إن دولتهم أكبر من أي عبث انتخابي وإن هيبة مصر ليست للعرض بل للحماية وإن مستقبلها لا يُكتب بالدينار والريال والجنيه بل بإرادة شعبها فقط.

وفي النهاية نقولها واضحة مصر تستحق انتخابات تشبه مصر وتستحق نظامًا سياسيًا يليق بتاريخها وتستحق رئيسًا شجاعًا لا يخاف من إعادة البناء والرئيس عبد الفتاح السيسي قادر على ذلك وقادر أن يعيد للدولة ثقتها بنفسها وللمواطن ثقته بدولته فمصر أكبر من كل أزمة وأقوى من كل خلل وأعظم من كل محاولة للالتفاف على إرادتها.

زر الذهاب إلى الأعلى