Uncategorized

“من غزة إلى العالم: الرئيس الكولومبي يدعو لتحرير فلسطين إنقاذًا للإنسانية” بقلم/ د. رمزي منصور

في خطاب تاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدث الرئيس الكولومبي اليساري، غوستافو بيترو، بنبرة غير مسبوقة في الخطاب المناهض للإمبريالية إلى مستوى جديد، بدعوة مباشرة إلى تشكيل “جيش تحرير دولي لـ فلسطين” لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، متجاوزاً حدود البيانات الدبلوماسية إلى الفعل المنظم، معتبراً القضية الفلسطينية المحك الأخلاقي للقرن الحادي والعشرين. لقد بات المشروع الاستعماري الحديث، الذي تغذيه الرأسمالية المتوحشة، يلتهم ذاته في مشهد أخلاقي مأساوي، حيث تتحوّل مبادئه المعلنة إلى شعارات جوفاء، بينما يُسخَّر لخدمة مشروع استيطاني عنصري يتغذى على الدم الفلسطيني، في لحظة يُدار فيها العالم لا بمنطق العدالة، بل وفق حسابات الربح، حتى باتت الجغرافيا والإنسانية نفسها مجرد أدوات في سوق المصالح.

بيترو لم يكتفِ بالدفاع عن فلسطين، بل ربط بين ما يحدث في غزة وبين القضايا الكبرى لليسار العالمي:  من مقاومة العنصرية والاستعمار، إلى مواجهة الكوارث المناخية، ووصف النظام الرأسمالي بأنه المحرك الرئيس وراء كل هذه الأزمات، من سياسات الهيمنة إلى الحروب وحتى الأزمات العالمية.

وانتقل الخطاب من التحليل إلى الدعوة، مقترحاً تفعيل آلية “الاتحاد من أجل السلام” في الأمم المتحدة لتجاوز حظر الفيتو وتشكيل قوة عسكرية دولية لتحرير فلسطين. وشَبّه سياسات القادة الإسرائيليين بجرائم هتلر، مؤكداً أن سقوط “المشروع الصهيوني” ليس تحريراً لفلسطين فحسب، بل هو خطوة نحو إنقاذ الإنسانية من نظام عالمي يختنق تحت وطأة الطمع اللامحدود، ويفتح الباب لبناء ديمقراطية عالمية جديدة، تتجاوز عجز مجلس الأمن ونظام الفيتو، وتضع الإنسانية لا الدولة القومية في قلب الفعل السياسي.

إن الدعوة لتشكيل جيش دولي لتحرير فلسطين قد تكون صعبة التحقق عملياً، لكنها في معناها السياسي والفكري لحظة انعطاف كبرى في تاريخ اليسار العالمي، ونقطة تحوّل في الخطاب الأممي نحو أممية جديدة تتخطى الحدود القومية وتضع الإنسانية في مواجهة الإمبريالية بأدوات الفعل لا الشعارات.

في النهاية، قد لا يتحقق اقتراح بيترو حرفياً، لكن مجرد إطلاقه من على منبر الأمم المتحدة يُعد إعلاناً بانتهاء مرحلة وبداية أخرى: مرحلة يتراجع فيها وهم النظام العالمي القائم، ليحل محله وعي أممي جديد، يجد في فلسطين البوصلة وفي العدالة الكونية القضية المركزية والقوة الأخلاقية والسياسية القادرة على إعادة تشكيل المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى