اخبار العراق
أخر الأخبار

لماذا يغير النظام الإيراني العاصمة؟الاستاذ الدكتور عبدالرزاق محمد الدليمي

ازداد الحديث في الاونة الأخيرة عن رغبة النظام في طهران بتغيير العاصمة إلى مدينة اخرى (مكران)
علما ان موضوع نقل العاصمة الإيرانية من طهران ليس جديداً لكنه عاد للواجهة بقوة مؤخراً بتصريحات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (سبتمبر 2024) الذي صرح بعبارة صادمة: “البقاء في طهران أصبح مستحيلاً”.

القنبلة الموقوتة؟!
لذلك بحثت عن الأسباب “الحقيقية” وهذا يعني أننا يجب أن نتجاوز العناوين العامة لنغوص بعمق في الأسباب الجيولوجية والأمنية والوجودية التي تجعل النظام الإيراني يرى طهران “قنبلة موقوتة” للأسباب التالية:
اولا:طهران “تغرق” حرفياً (الهبوط الأرضي)
هذا هو السبب الأخطر والأكثر واقعية ولكنه الأقل تداولاً في الإعلام العام. طهران تعاني من ظاهرة جيولوجية مرعبة تسمى “الهبوط الأرضي” (Land Subsidence).
١-الحقيقة: بسبب استنزاف المياه الجوفية بشكل جنوني، تهبط أرض طهران بمعدلات قياسية عالمياً (تصل في بعض المناطق إلى 20-30 سم سنوياً).
٢-الخطر: هذا الهبوط يتسبب في تصدع المباني، وشقوق في الطرق السريعة، وتهديد لشبكات الغاز والمترو. الاستمرار في طهران يعني انهيار البنية التحتية من “تحت الأرض” وليس فقط فوقها.
ثانيا:الزلزال الكبير” المنتظر
طهران تقع جغرافياً في “فم التنين” الزلزالي لذلك فان الحقيقة تشير إلى
١- ان المدينة محاطة بثلاثة فوالق زلزالية نشطة ورئيسية (شمال طهران ومشا وري).
٢-الكابوس حيث يتوقع العلماء ان هناك زلزالاً مدمراً (أكثر من 7 درجات) قد يحدث في أي لحظة والتقديرات الرسمية تشير إلى أن حدوث هذا الزلزال قد يؤدي لمقتل مئات الآلاف وتدمير 60-70% من مباني المدينة التي لا تملك أية مقاومة للزلازل. لذلك فإن الهدف الأساسي من نقل العاصمة السياسية هو حماية للنظام وضمان بقاء “رأس النظام” في حال تدمرت طهران.
ثالثا:قلة المياه إلى درجة العطش
فلم تعد كميات المياه في طهران قادرة على تغطية حاجات سكانها البالغ عددهم (مع الضواحي) قرابة 15-20 مليون نسمة.
ناهيك عن استنزاف كافة السدود والمياه الجوفية المحيطة رغم محاولات نقل المياه من بحر قزوين أو من خليج البصرة اي الخليج العربي إلى طهران وهي عملية مكلف جداً ماديا وغير مجدية اقتصادياً.
لذلك جاء تصريح بزشكيان الذي أشار بوضوح إلى أن جلب المياه لطهران مكلف للغاية والأفضل بالنسبة للنظام ؟! هو نقل الناس والمصانع إلى حيث توجد المياه” (أي الجنوب قرب البحر).
رابعا:التحول الاستراتيجي نحو الجنوب أي إلى اعتماد الاقتصاد البحري وربما هذا هو السبب الاستراتيجي الجديد فالنظام الإيراني يدرك أن طهران مدينة حبيسة ومعزولة عن طرق التجارة العالمية.
ولذلك فالخطة تركز إلى التوجه نحو سواحل خليج البصرة (الخليج العربي) وبحر عمان (منطقة مكران).
والهدف هو تحويل العاصمة (أو المركز الاقتصادي) إلى الجنوب حيث التجارة الدولية والتصدير والوصول للمياه المفتوحة مما يفك الخناق عن الاقتصاد الإيراني المعتمد على طهران الداخلية.
خامسا: ويضاف إلى الاسباب الوارده أعلاه السبب الأمني أي الهروب من طنجرة الضغط ….وعلى الرغم من أن النظام لا يعلن ذلك صراحة إلا أن الأمن الداخلي بالنسبه له عامل حاسم.
سادسا: الظروف السياسية الضاغطة كالاحتجاجات فطهران هي مركز الثقل السكاني والسياسي وهي المكان الذي تنفجر فيه أكبر الاحتجاجات (كما حدث في 2009، 2019، 2022) واصبحت السيطرة على مدينة مكتظة ومزدحمة بالملايين وشوارعها مخنقة مرورياً أمر بالغ الصعوبة جداً لقوات الأمن المنهكة التي تعاني الأمرين؟!
كذلك فإن نقل العاصمة الإدارية والسياسية إلى مكان أصغر وأكثر تنظيماً يجعل حماية المؤسسات السيادية والقيادات أسهل بكثير حيث تزداد ظاهرة نبذ النظام وكراهيته من قبل الشعوب التي تتكون منها ايران وهذه المدينة يعتقدون انها قد تبعد النظام عن الغضب الشعبي المتزايد والمباشر في الأحياء الفقيرة والمكتظة بطهران وغيرها !!!
طوق للنجاة
نعتقد ان رغبة النظام بنقل العاصمة ليس كنوع من “الرفاهية”بل هو قرار اضطراري للنجاة فطهران تواجه “موتاً سريرياً” بطيئاً بسبب الغرق (الهبوط الأرضي) والعطش وخطر الزلازل بالإضافة إلى اهم هاجس كونها عبئاً أمنياً ثقيلاً. اذن فالتوجه الحالي هو نحو الجنوب (سواحل خليج البصرة (الخليج العربي ) لضرب عصفورين بحجر الاول النجاة من دمار طهران والثاني القرب من شريان الحياة الاقتصادي (النفط والبحر).
وربما هناك مدن اخرى مرشحة لتكون العاصمة البديلة إلا ان التكلفة الاقتصادية الهائلة ربما تعيق هذا المشروع حتى الآن؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى