اخبار فلسطين
أخر الأخبار

الذخائر غير المنفجرة… قنابل مؤجلة تحصد أرواح الغزيين بعد عامين من الحرب ✍️ بقلم: د. رمزي منصور

✍️  بقلم: د. رمزي منصور

رغم مرور عامين على الحرب المدمّرة التي عصفت بقطاع غزة، إلا أن شبح الموت لا يزال يلاحق السكان حتى في لحظات الهدوء النادرة. فالأرض التي أنهكتها القذائف والعبوات ما زالت تخفي بين ركامها وأزقتها آلاف الذخائر غير المنفجرة، لتتحول إلى قنابل مؤجلة الانفجار تهدد حياة المدنيين، خصوصاً الأطفال والعاملين في إزالة الأنقاض والمزارعين.

وحذّر الدفاع المدني في قطاع غزة من الخطر المتزايد للذخائر “الإسرائيلية” غير المنفجرة المنتشرة في مختلف مناطق القطاع، والتي تُقدَّر بنحو  71 ألف طن وفق تقديرات المنظمات الدولية، مؤكداً أن هذه المخلفات تشكل تهديداً مباشراً لحياة السكان، وبحسب إحصاءات أولية صادرة عن الجهات المختصة، فقد تم تسجيل 185 حالة إصابة أو وفاة نتيجة انفجار مخلفات الحرب منذ وقف إطلاق النار الأخير، معظمها من الأطفال وشباب كانوا يمارسون حياتهم اليومية في مناطق مدمّرة أو حقول زراعية لم تُطهَّر بعد.

هذه الحوادث تكشف عن خطرٍ متصاعدٍ يهدد الأمن الإنساني في غزة، في ظل ضعف الإمكانات الفنية والتقنية للفرق الهندسية المحلية العاملة في إزالة الألغام، وغياب المعدات الحديثة وأجهزة الكشف الدقيقة. فالبيئة المأهولة والكثافة السكانية العالية تجعل من عمليات التطهير عملاً بالغ الخطورة يتطلب دعماً دولياً عاجلاً.

وتحذر مؤسسات حقوق الإنسان والدفاع المدني من أن آلاف الذخائر غير المنفجرة ما زالت مدفونة في التربة أو بين ركام الأبنية المدمرة، ومن جانبه، تحدث الناطق باسم الدفاع المدني بغزة بأن الذخائر غير المنفجرة ليست مجرد بقايا حرب، بل تهديد مستمر لحياة الناس ومستقبل الإعمار. يجب أن تكون هناك خرائط دقيقة، وتعاون مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة لتوفير فرق دولية متخصصة لتطهير المناطق السكنية والزراعية بشكل آمن.

وتتضافر الجهود المحلية حاليًا من خلال حملات توعية تنفذها مؤسسات الأمم المتحدة والمجتمع المدني، تهدف إلى تثقيف الأطفال والأهالي حول مخاطر ملامسة الأجسام الغريبة أو المعدنية، إلا أن هذه الجهود تبقى محدودة أمام اتساع رقعة الدمار ونقص الموارد.

وبينما يحاول الغزيون ترميم ما تبقى من بيوتهم وأحلامهم، تبقى الذخائر غير المنفجرة الوجه الآخر الصامت للحرب، تنذر بانفجارات جديدة قد تعيد المأساة إلى الواجهة في أي لحظة.

وفي ظل هذا الواقع، تبرز حاجة ملحّة إلى تحرك دولي وإنساني واسع النطاق لدعم جهود تطهير قطاع غزة من مخلفات الحرب، وتوفير فرق وخبراء ومعدات حديثة لضمان بيئة آمنة للسكان.
فالمسؤولية لا تقع على عاتق الغزيين وحدهم، بل على المجتمع الدولي بأسره حسب اتفاقيات جنيف، الذي يُفترض أن يتحرك لحماية المدنيين من آثار حرب لم تنتهِ فعلياً بعد. إن إنقاذ الأرواح وإزالة خطر الموت الكامن تحت الأنقاض هو واجب إنساني قبل أن يكون سياسياً.

زر الذهاب إلى الأعلى